"باقية وتتمدد" شعار اعتمده تنظيم "داعش" الارهابي ليبين ان التنظيم سيظل قائما باعتبار الحتمية العقائدية بل سيتمدد وذلك بمواصلة جلبه لمقاتلين اجانب جدد وقدرته على التوسع من خلال ما يعتبره التنظيم "انتصارات" تجلب مثيلاتها مادام يسوق لها بشكل جيد.
التسويق لما يعتبر "انتصارات" التنظيم لم يكن اعتباطيا بل استند الى استراتيجية دعائية رُسمت بصفة مسبقة وحُددت اهدافها كذلك.
"الاستراتيجية الدعائية العامة لداعش" عنوان التقرير الذي اصدره المركز الدولي لمكافحة الارهاب (مقره بامستردام) خلال مارس الفارط.
وحسب التقرير فان ما يعرف بتنظيم "داعش" الارهابي يتبع استراتيجية دعائية الهدف منها توسيع نقاط نفوذه ,وتعتمد هذه الاستراتيجية على نقطتين اساسيتين:
الاعتماد الكلي والمطلق على مصطلحات تاريخية اسلامية لاضفاء نوع من الشرعية الدينية على عملياته على غرار استخدام مصطلح "الهجرة" فيما يخص تنقل المقاتلين الاجانب نحو ليبيا او سوريا او العراق (مراكز نفوذ التنظيم).
الاعتماد على مقاتلين اجانب في الظهور الاعلامي بدلا عن المقاتلين السوريين او العراقيين على أساس ان التنظيم الممثل الرسمي "للخلافة" وان الصراع قائم بهدف "نصرة الدين الاسلامي" وليس من اجل تحقيق الاستقلال على غرار ما كان يروج له تنظيم "القاعدة" الارهابي.
وتعتمد الرسالة الدعائية لتنظيم "داعش" الارهابي كذلك على تسع نقاط:
رسالة الانتصار: وذلك ببث صورة التنظيم القوي المتماسك وتجاهل كل ما من شأنه ان يدل على ضعفه (على غرار التعامل الاعلامي للتنظيم مع عملية بن قردان حيث تم تجاهل العملية اعلاميا بعد فشلها اذ لم تذكر العملية حتى في البيانات الصادرة عن "داعش" الارهابي في حين تم الترويج لعملية بروكسال التي كانت تقريبا في نفس الفترة وذلك بنشر اصدارات مكتوبة و8 اصدارات مرئية بلغات مختلفة تمجد "المقاتلين الابطال" وتؤكد تبني التنظيم للعملية).
التشكيك في المنافسين: التشكيك في شرعية الجماعات الارهابية الاسلامية الاخرى على غرار القاعدة وطالبان وغيرهم.(استعمال تنظيم "داعش" الارهابي لهشتاقات على غرار "القاعدة القاعدة" وذلك في اشارة الى ان تنظيم "القاعدة" عاجز عن القيام باي عملية).
التأكيد على عدم شرعية الاسلام السياسي: اتهام الجماعات الاسلامية التي تمارس السياسية على غرار جماعة الاخوان بتبنيها لمنهج منحرف.(اصدر تنظيم "داعش" الارهابي اصدارات مرئية اتهم فيها حركة النهضة ووصف قياداتها بالمرتدين والطواغيت).
خلق الخلافات داخل المجموعات المعادية: العمل على ترويج معلومات خاطئة من أجل خلق أو تكبير الخلافات في المجموعات المعادية.(وتجدر الاشارة الى ان تنظيم "داعش" الارهابي كان قد نشر صورا ومعلومات لابو محمد الجولاني زعيم تنظيم جبهة النصرة اكد خلالها ان الجولاني كان ينسق مع الجيش الحر وهو ما خلق انقسامات داخل جبهة النصرة باعتبار وان الجيش الحر ليس تنظيما اسلاميا).
استغلال الصراعات الطائفية: تأجيج الصراع الطائفي غالبا بين السنة والشيعة من اجل اجبار السنة على السعي الى طلب الحماية من التنظيم.( وبانسبة للدول التي لا تشهد صراعات طائفية فيتم استغلال النعرات القبلية على غرار ما قام به التنظيم في 8 ماي الجاري حيث نشر صورا مؤكدا مبايعة بعض القبائل ( "القذاذفة " و"ورفلة" و"اولاد سليمان") للتنظيم وذلك لخلق نوع من الصراع القبلي والتشويش على شن الحرب على سرت معقل التنظيم في ليبيا).
الخلافة كمشروع مثالي: اظهار المناطق التي يسيطر عليه التنظيم كمناطق سعيدة هادئة في ظل حكم "داعش" الارهابي (كان التنظيم قد اصدر مقاطع فيديو بموقع "اصدارات" التابع له والذي تم غلقه لمنطقة الرقة السورية تبين ان الحياة هناك طبيعية وهادئة).
مغامرة «الجهاد» : تمجيد الجهاديين المنتمين للتنظيم من اجل تصدير صورة المغامرة بين الاخوة والاصدقاء. (عادة ما يوصفون في اصدارات التنظيم التي تنشر بعد العمليات التي يعتبرونها ناجحة بالابطال الاشاوس والاسود وجنود الله وفي حال تمت تصفيتهم او قاموا بعمليات انتحارية فيوصفون بالشهداء الابطال...).
خلق توتر بين المسلمين والغرب: إثارة النعرات في صفوف الجاليات المسلمة في الغرب بهدف حشدهم لدعم التنظيم.(على غرار تسويق قصة الكردي الملة كريكار المبايع لتنظيم "داعش" الارهابي والذي يعيش في النرويج حيث تم التسويق لصورة المسلم الذي تعرض للظلم والقمع هناك وهو ما اثار ضجة هناك واصبحت القصة قضية راي عام).
الوجوب الديني للالتحاق بالخلافة: استعمال الدين لاجبار المسلمين على دعم التنظيم
(كاعتماد التنظيم على الحديث النبوي "من مات وليس في رقبته بيعة مات ميتتة الجاهلية" وبالتالي تصبح مبايعة "ابو بكر البغدادي" واجب).
"داعش" ليبيا: حملة دعائية للحشد نحو ارض "الخلافة"
ووفق التقرير ذاته فان اعلان ولاية درنة الليبية الذي كان خلال نوفمبر 2014 دفع التنظيم لاستغلال الالة الدعائية للتنظيم بهدف حث مناصريها للهجرة نحو درنة,حيث عمل مناصرو التنظيم على اطلاق حملة على شبكات التواصل الاجتماعي لجلب المقاتلين من المغرب العربي والسودان وافريقيا في اتجاه ليبيا التي يعتبرها التنظيم ارض خلافة على غرار سوريا والعراق.
وذكر التقرير انه خلال افريل 2015 نشر التنظيم شريطا لما يعرف بـ"ولاية طرابلس" دعا فيه التونسيين الى الهجرة نحو سرت، وهو ما كشف ان تكتيك التنظيم في ذلك الوقت كان متجها نحو تثبيت اقدامه في ليبيا عوض تشتيت جهوده بين ليبيا والدول المجاورة.
وقد استغل التنظيم كذلك تصريحات بعض المسؤولين الليبيين المتضاربة حيث تم التسويق لهذه الاخطاء واصبحت نقاط قوة يستعملها التنظيم ببراعة، على غرار تصريح
احد المسؤولين الامنيين الذي اكد ان العائلات الليبية تتنقل بحرية من سرت رغم ان هذه المنطقة تخضع لسيطرة تنظيم "داعش" الارهابي، وقد استغل التنظيم هذا التصريح وروج من خلاله بأن العائلات الليبية ترحب بالتنظيم و تسعى للانخراط ضمنه وقد جاب التصريح مواقع التواصل الاجتماعي.
افريقية للاعلام الجناح الاعلامي للتنظيمات الارهابية
وحسب التقرير الصادر عن المركز الدولي لمكافحة الارهاب فان موقع افريقية للاعلام المؤيد لتنظيم "داعش" الارهابي من اهم وسائل الاتصال التي استعملها التنظيم قبيل انتصابه في ليبيا.
وقد لعب هذا الموقع دورا حاسما في التنسيق مع التنظيمات الجهادية في شمال أفريقيا والساحل وغرب أفريقيا واعتبر منذ سبتمبر 2014 كمنبر اعلامي لعموم الجماعات الجهادية في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
وقد كان يعتمد على نشر اصدارات التنظيمات الارهابية على غرار تنظيمي القاعدة وداعش الارهابيان على "تويتر" الا ان هذا الذراع الاعلامي "الجهادي" سرعان ما اظهر تعاطقه مع تنظيم "داعش" الارهابي.
وفي أواخر نوفمبر 2014، أصدر موقع "افريقية للاعلام" ا بيانا على "تويتر" مؤكدا ان دوره نشر أنباء عن "الدولة الإسلامية" في ولاية برقة، طرابلس، الجزائر، تونس، الساحل والصحراء..
افريقية للاعلام يبايع "داعش"
التقرير ذكر انه في أوائل ديسمبر 2014، اكد موقع افريقية للاعلام تعهده رسميا بالولاء لـ"داعش" الارهابي.
وفي ماي 2015، اصدر بيانا موضحا أن مهمته تتمثل في جمع «تعهدات الولاء لخليفة المسلمين من جميع المنظمات والجماعات النشطة» وتمشيا مع هذه المهمة عملت الشبكة على بناء شبكة علاقات سرية في افريقيا حيث نشرت مقالا في مارس 2015 تقول فيه أنها سهلت عملية اعلان ولاء جماعة بوكو حرام في نيجيريا لتنظيم "داعش" الارهابي
افريقية للاعلام تحث التونسيين على "الجهاد"
زحسب التقرير فان الذراع الاعلامي لتنظيم "داعش" الارهابي (افريقية للاعلام) ساهم في جمع التأييد وحشد الانصار في تونس اذ اعتبرت الجناح الاعلامي الرسمي للتنظيم وكان غالبا ما ينشر معلومات من داخل الحركة "الجهادية" بهدف خدمة صورة تنظيم "داعش" الارهابي.
وفي ديسمير 2014 نشر موقع افريقية للاعلام شريطا كشف خلاله انشقاق مجموعة من مقاتلي كتيبة عقبة ابن نافع بايعوا الخليفة ابو بكر البغدادي.
و في مارس 2015 اكد موقع افريقية للاعلام استعداد "المجاهدين" التونسيين للاعلان عن ولائهم للتنظيم وذلك كرد على احدى وسائل الاعلام السورية التي تساءلت عن بطئ اعلان المقاتلين التونسيين اعلان ولائهم لـ"داعش" الارهابي.
الاهداف
ووفق تقرير المركز الدولي لمكافحة الارهاب فان تنظيم "داعش" الارهابي يسعى عبر هذه الاستراتيجية الى تحقيق جملة من الاهداف من ابرزها اعادة انشاء دولة الخلافة التي تعتمد على شريعة السلف الصالح ما يجعلها الدولة الدينية الوحيدة في العالم وبالتالي فان جميع الدول والتنظيمات والحكومات ملغاة.
كما يسعى التنظيم كذلك الى اثبات ان الخلافة تتقدم بخطى ثابتة وقوية وهي موحدة في ظل تنظيم "داعش" الارهابي على خلاف ما حصل مع تنظيم "القاعدة" الارهابي الذي بدا بالانقسام والتلاشي
