سعى قطاع التامين بكافة مكوناته في الفترة الاخيرة الى الانخراط في الجهود الوطنية لضمان استمرارية توفير الخدمات التأمينية بكافة أنواعها للمواطنين. و جرى، على هذا الصعيد، اتخاذ عدة تدابير و إجراءات وقائية لضمان استمرارية الأعمال في القطاع ضمن المساعي العامة للحفاظ على السلامة والصحة والحد من انتشار فيروس كورونا المستجد وتقديم كافة الخدمات سيما خدمات التامين الاصلي و التسوية وحل النزاعات التأمينية.
و في ذات السياق، اكدت مساء يوم امس الاثنين الهيئة العامة للتامين انه و تبعا لانعكاسات انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني وباعتبار التداعيات المتوقعة على نشاط والتزامات شركات التأمين وإعادة التأمين خلال الفترة القادمة وفي إطار المهام الموكولة لها، فان الشركات الناشطة في القطاع مدعوة الى تكوين المدخرات الفنية الضرورية ضمن القوائم المالية لسنة 2019 لتغطية مختلف المخاطر التي تتعلق بعقود التأمين الجارية في موفى 2019 طبقا للمعطيات المستجدة والتوقعات المتوفرة خلال هذه الفترة من سنة 2020 والناتجة عن انتشار فيروس كورونا، و ذلك الى جانب القيام بدراسة كمية حول التأثيرات المنتظرة للأوضاع المستجدة على نشاط شركة التأمين وإعادة التأمين ونتائجها خلال سنة 2020 وقدرتها على مجابهة الالتزامات الجديدة وعرضها على مصادقة مجلس إدارة الشركة وإعلام الهيئة العامة للتأمين بها ويتم تحيين هذه الدراسة بطلب من الهيئة حسب المستجدات.
كما طلبت الهيئة العامة للتامين إرجاء قرار توزيع المرابيح بعنوان النتائج والإحتياطيات المسجلة بالقوائم المالية 2019 مبرزة انها ستتخذ تدابير أخرى ضرورية فيما يتعلق بهذا المجال اعتمادًا على تطور الوضع.
يذكر انه وفقا للتقرير السنوي الاخير للهيئة العامة للتامين فقد ازداد رقم المعملات الاجمالي للقطاع بنسبة 7.9% الى 2552.4 مليون دينار م.د، كما ارتفع حجم التعويضات المدفوعة الى 1262.8 م.د في حين تطور اجمالي المدخرات الفنية الخام المكونة من قبل مؤسسات التامين لتسديد كامل التزاماتها ازاء المؤمن لهم و المنتفعين بعقود التامين بنبة 11.5% لتناهز 5027 م.د. و تحسنت النتيجة الصافية الاجمالية لمؤسسات القطاع حيث وصلت الى 115.9 م.د.
و في جانب اخر، اوضح صندوق النقد العربي في دراسة انجزها سنة 2017 حول واقع و افاق تطوير التامين في العالم العربي أهمية مكانة قطاع التامين في المنظومة المالية في تونس باعتباره رافعة محورية في تمويل الاقتصاد ودفع الادخار و لكن الصندوق اكد أن القطاع لا يزال يشكو من بعض الإشكاليات في البلاد ولعل أهمها نقص الثقافة التأمينية لدى المواطنين وتواضع مؤشرات التامين على الحياة الذي يظل رافدا أساسيا لتمويل الاقتصاد الوطني والتنمية مثمنا، في ذات السياق، تضافر الجهود في اتجاه العمل على تعزيز هيكلة قطاع التامين ودعم توازناته والارتقاء بمؤسساته إلى مستويات من التطور والكفاءة تؤهلها إلى مجابهة المنافسة الخارجية المرتقبة في إطار تحرير الخدمات وذلك عبر إعداد قواعد التصرف الحذر طبقا للمعايير الدولية إلى جانب تدعيم جهاز الرقابة.
يذكر أن نسبة اندماج التامين في النشاط الاقتصادي التونسي تناهز 1.9% بما يمثل قاعدة عمل ايجابية لمزيد تطوير الارتقاء بالقطاع إلى أفضل المستويات من خلال العمل المتواصل على تعصيره وتحسين خدماته وتطوير أدائه التمويلي والاستثماري. و قد شرعت السلط، في هذا الصدد، منذ سنة 2016 في رسم برنامج إصلاحي خماسي للقطاع وذلك بناء على نتائج الدراسة الاستراتيجية المتعلقة بتطوير قطاع التامين و التي تضبط التوجهات الكبرى للقطاع في شكل شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص و في إطار عقد برنامج بين الهيئة العامة للتامين ومختلف الوزارات والهياكل العمومية ذات العلاقة، من جهة والفاعلين في القطاع من مؤسسات تامين وإعادة تامين وخبراء ووسطاء وجامعة مهنية، من جهة أخرى.
ومن المنتظر أن تفضي هذه الشراكة إلى تعزيز هيكلة قطاع التامين ودعم توازناته والارتقاء بمؤسساته إلى مستوى المعايير العالمية وكذلك تدعيم مساهمة القطاع في تعبئة الادخار الوطني وتمويل الاقتصاد وتعزيز نسبة اندماج القطاع في الاقتصاد التونسي من 2 إلى 3% في أفق 2020. كما انه من المرتقب ان يتم التقليص في آجال التعويض عن التامين قبل الشركات للنصف تقريبا في ذات الفترة علما انها تتراوح في المعدل بين شهرين إلى سنة حسب الوضعيات.