أكد المستشار الجبائي وعضـو المجلس الوطني للجباية، محمـد الصالح العياري لـ"آخر خبر أونلاين" اليوم، الأربعاء 22 أفريل 2020، أنّه من المهم وضع برامج عمل واضحة للتمكن من تعبئة الموارد على المستويين الوطني والخارجي.
ورأى أن تتمسك البلاد بفرضية إمكانية إعادة جدولة الديون وتأخيرها إلى فترة معينة من ذلك منح جزء خلال سنة 2020 وإعادة جدولة البقية على الأقل لمدة تتراوح بين سنتين أو ثلاثة سنوات لتمكين تونس من الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها.
وإقترح في نفس الإطار إصدار قرض رقاعي، مؤكدا على ضرورة البحث في إمكانية توظيف هذه الأموال في شكل شراكة أو ضخها في بعث مشاريع مشتركة لمجابهة الأزمة الاقتصادية والمصاريف الكبيرة المتأتية جراء إنتشار فيروس كورونا.
وأفاد بأنّه إضافة إلى القرض الممنوح من صندوق النقد الدولي خلال الفترة الأخيرة والذي كان في حدود 745 مليون دولار أي حوالي 2200 مليون دينار وحصول تونس على منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 275 مليون دولار، من الممكن أن تتأتّى مصادر التمويل الأخرى من الهبات من بعض الدول المانحة أو القروض بشروط ميسرة من البنك العالمي والبنك الإفريقي للتنمية.
وبيّن أنّه من المهم الحصول على قروض بشروط ميسرة مع التركيز على الإنتقال الديمقراطي وتأثيرات أزمة الكورونا حتى تكون البلاد مثالا للدول النامية بصفة عامة.
وقال إنّه من الأنجع إعداد ملف يتمّ التطرق من خلاله إلى التوجهات الاقتصادية لتونس والتذكير بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها بعد ثورة 2011 .
وأشار محمد الصالح العياري إلى أن الصعوبات التي أحدثها إنتشار كوفيد– 19 مسّت كل بلدان العالم في الوقت الراهن بما فيها تونس. وذكر على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت لديها نسبة ضعيفة من البطالة، بلغ فيها عدد العاطلين عن العمل حاليا 20 مليونا.
وقال إنّ تطور نسبة البطالة وتزايد عدد الأفراد الذين تمت إحالتهم على البطالة يثبت أن عديد المؤسسات الاقتصادية الهامة في العالم أغلقت أبوابها أو تمر بصعوبات كبيرة وتوقفت عن تشغيل اليد العاملة.
وفي تونس وإستجابة لما يقتضيه قرار الحجر الصحي الشامل، تم إصدار المرسوم عدد 2 لسنة 2020 يتعلق بسن أحكام إستثنائية وظرفية بخصوص تعليق العمل ببعض أحكام مجلة الشغل، حيث تم تعليق العمل بأحكام الفصل 21 -12 من مجلة الشغل فيما يتعلق بإمكانية الطرد أو الإيقاف عن العمل، وبالتالي لا يمكن للمؤسسات الإستغناء عن الموظفين في الوقت الحاضر إلى غاية تجاوز الأزمة ويعتبر طردا تعسفيا في صورة القيام بذلك، ولكن في المقابل يتوجب على العمال، الذين لديهم ترخيص بمزاولة عملهم، الإلتحاق بمؤسساتهم وفي حالة رفضهم لذلك يتوجب معاقبتهم حسب ما تقتضيه الضرورة.
وإعتبر أنّ إصدار هذا المرسوم وضح الطبيعة الشغلية بين المؤسسة والعملة، حيث ساعد في الحفاظ على ديمومة المؤسسة الإقتصادية وحقوق العمال الذين يمثلون مستقبل المؤسسة أي رأس المال الحقيقي للمؤسسة وساهم في الحد من الصعوبات ومجابهة الأزمة التي تمر بها كل المؤسسات الاقتصادية.
أما على مستوى الصعوبات المالية والموارد بالنسبة إلى ميزانية الدولة، أشار الأستاذ محمـد الصالح العياري إلى أن المداخيل الجبائية حسب ميزانية الدولة لسنة 2020 تقدر بـ31.7 مليار دينار. وتشير تقديراته إلى خسارة 50 بالمائة على الأقل من المداخيل الجبائية التي تمثل 67 بالمائة من الموارد الجملية لميزانية الدولة .
وأوضح ذلك بقوله أنّ الموارد الجملية لميزانية الدّولة لسنة 2020، تم ضبطها في حدود 47.227 مليون دينار. وبيّن أنّ خسارة حوالي 15.500 مليون دينار وهو مبلغ مهول جدا، سيضع البلاد في مشكل تمويل على لا قدرة لها على تجاوزه.
وقال إنّ ميزانية الدولة لسنة 2020 تتضمّن فرضية مخيفة تتمثل في أنّ حجم تعبئة قروض لتمويل الميزانية يقدّر بـ11.248 م د، في حين أنّ المبالغ المبرمجة لخدمة الدّين أصلا وفائدة ستكون في حدود 11.678 م د .
وبالتالي فإنّه يمكن القول بأنّ حجم القروض المبرمجة لسنة 2020 لا يكفي لتغطية حاجيات خدمة الدّين لنفس السّنة، فما بالك إذا خسرنا 15.5م.د من الموارد الجبائية التي تعتبر الممول الرئيسي لميزانية الدولة. وقال "أصبحت مقتنعا بصحة هذه الفرضية الواردة جدا فالمؤسسات مغلقة و الأزمة قد تطول كما أنّ الحجر الصحي مازال متواصلا إلى أن يتم التخلي عنه بصفة تدريجية".
وإعتبر أنّ إقرار الحجر الصحي الموجه يجب أن يكون بصفة مدروسة حتى لا نضطر إلى المرور إلى وضعية تمثل أكثر خطرا من الوضعية التي نحن عليها الآن. وأكد أنّ الأولوية المطلقة في الوقت الحالي متعلقة بصحة المواطن خاصة وأنّ الشغل الشاغل لكل السياسيين في العالم هو المحافظة على أرواح شعوبهم، وفي ظل هذه الظروف لا يوجد خيار سوى التضحية بالاقتصاد.
وأفاد بأنّه في خضم هذه الإشكاليات يوجد جانب مضيء يتمثل في التخفيض في أسعار المحروقات. وأوضح ذلك بقوله إن ميزانية الدولة لسنة 2020 تمّ ضبطها على معدّل 65 دولارا سعر برميل النّفط، وحاليا سعر البرنت في حدود 25 دولارا أي أن بلادنا مبدئيا تربح 40 دولارا.
وأضاف "لكن من المتوقع أن يستقر سعر برميل النفط نهاية السنة إلى مستوى 45 دولارا وحسب تقديراتي الأولية من الممكن أن نربح 20 دولارا بالمقارنة مع السعر الأولي المبرمج ضمن ميزانية الدولة لسنة 2020".
وقال إن تأثير إرتفاع أو إنخفاض سعر برميل النفط بـ1 دولار واحد سيكون مقدرا بحوالي 128 مليون دينار حسب تقديرات الميزانية، ونظريا ستربح البلاد حوالي 2560 مليون دينار، ولكن في المقابل وحسب رأيه، توجد الأداءات الموظفة على المحروقات 19 بالمائة أداء على القيمة المضافة وهنالك المعلوم على الإستهلاك ، وبالتالي يرتبط إنخفاض سعر النفط بإنخفاض الأداءات الموظفة على المحروقات بما في ذلك الضريبة على الشركات المتأتية من الشركات البترولية، كما أن مردود تصدير تونس للمحروقات سيتراجع بدوره.
وخلص إلى القول بأنّه وحسب التقديرات الأولوية، تستطيع تونس تحقيق أرباح في حدود 700 إلى 800 مليون دينار، وهو ما يساعد قليلا البلاد على نفقات الدعم بإعتبار أن المحروقات لوحدها حسب التقديرات الأولية المبرمجة لسنة 2020 ستكون في حدود 1880 مليون دينار ستتقلص بتقلص سعر المحروقات كما تم تقديمه آنفا.