اقتصاد

 تدابير التحفيز الاقتصادي ستدعم اعتدال معدلات النمو في الصين خلال عام 2024

تدابير التحفيز الاقتصادي ستدعم اعتدال معدلات النمو في الصين خلال عام 2024

07 افريل 2024 10:00
يبدو أن التشاؤم بشأن الأداء الاقتصادي للصين سائد بين المستثمرين والاقتصاديين والمحللين. ويتضح هذا في إجماع توقعات بلومبرغ، وهو أداة ترصد توقعات الاقتصاديين والمراكز الفكرية ومؤسسات الأبحاث، وتقدم مجموعة من التوقعات بالإضافة إلى نقطة متوسطة لتوقعات السوق للنمو في بلد معين. تشير توقعات بلومبرغ إلى أن الصين ستحقق نمواً فاتراً تبلغ نسبته 4.6% في عام 2024، أي أقل بمقدار 60 نقطة أساس من النمو المحقق في العام الماضي وأدنى بواقع 140 نقطة أساس من متوسط النمو طويل الأجل للبلاد.
 
 
 
 
وتأتي توقعات النمو الضعيفة هذه في أعقاب فترة من الرياح المعاكسة السلبية التي واجهت الصين، والتي شملت التوقف المفاجئ للزخم بعد الموجة الأخيرة من الجائحة في الصين في عام 2022، وأزمة القطاع العقاري، وتراجع سياسات التحفيز الاقتصادي، والركود العميق في قطاع التصنيع العالمي، وعدم اليقين السائد في القطاع الخاص بسبب القيود التنظيمية الصارمة المفروضة على شركات الابتكار.
ولكن على الرغم من كل الرياح المعاكسة والتوقعات السلبية، هناك مجال للتفاؤل المعتدل بشأن النمو الاقتصادي للصين. في رأينا، هناك ثلاثة عوامل تدعم تحقيق الصين لمعدل نمو أعلى من إجماع التوقعات تبلغ نسبته 5% في عام 2024.
أولاً، أعلنت الحكومة مؤخراً أن تحقيق نمو بنسبة 5% في الناتج المحلي الإجمالي هو هدف اقتصادي رئيسي لهذا العام، وهو ما يشير إلى أنها ستتخذ تدابير اقتصادية أكثر جرأة في الفترة القادمة. ويأتي هذا على خلفية تزايد قلق صناع السياسات الصينيين بشأن تباطؤ الاقتصاد المحلي. ونتوقع أن السلطات الصينية أصبحت حريصة الآن على تغيير سياستها تجاه الاقتصاد الكلي من الحياد إلى الدعم أو التيسير. وقد اقتصرت التدابير الاقتصادية حتى الآن على بضع جولات من خفض أسعار الفائدة، وضخ السيولة، والإنفاق المحدود على مشاريع البنية التحتية. ولكن يبدو أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن السلطات المالية والنقدية تؤيد أهداف النمو الأكثر قوة للحكومة. على الصعيد المالي، حددت الحكومة نسبة العجز العام في الميزانية المالية عند 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أعلى بكثير من توقعات السوق. علاوة على ذلك، لا تزال لدى الحكومة المركزية والحكومات المحلية موارد غير مستغلة من العام الماضي والتي يمكن استخدامها في عام 2024، مما قد يزيد العجز المالي "الفعلي" إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا من شأنه أن يشكل دافعاً مالياً كبيراً. وفيما يخص السياسة النقدية، أشار مسؤولون من بنك الشعب الصيني، البنك المركزي للبلاد، إلى اتخاذ تدابير تيسيرية إضافية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
 
 
ثانياً، من المرتقب أيضاً أن تؤدي بداية دورة تيسير السياسة النقدية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا العام إلى دعم قيام بنك الشعب الصيني بتقديم جولة أكثر قوة من التحفيزات. وبمجرد أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، سيكون لدى بنك الشعب الصيني مساحة أكبر لإجراء مزيد من التيسير في السياسة النقدية دون خلق دوافع إضافية لتدفق رؤوس الأموال إلى خارج الصين. في السنوات الأخيرة، تغير الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير لصالح الولايات المتحدة، حيث اجتذبت العائدات المرتفعة في الولايات المتحدة تدفقات رؤوس الأموال من بقية العالم، بما في ذلك الصين. وقد أدى هذا الأمر إلى ضغوط على الرنمينبي، الذي تراجعت قيمته بنسبة 14.3% منذ ذروته الأخيرة في فبراير 2022. وبما أن استقرار سعر الصرف الأجنبي هو أحد أهداف السياسة النقدية لبنك الشعب الصيني، فإن السلطات النقدية لم تكن قادرة على تقديم دعم أكبر للاقتصاد الصيني المتراجع. ومن ثم، فإن دورة التيسير التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي من شأنها أن تطلق العنان لمزيد من التحفيز النقدي من بنك الشعب الصيني، مما يوفر رياحاً خلفية داعمة للاقتصاد الصيني. 
ثالثاً، من المتوقع أن يكون قطاع التصنيع أكثر دعماً للنمو الاقتصادي في الصين خلال الأشهر المقبلة. فبعد "الركود في قطاع التصنيع العالمي" الذي كان عميقاً واستمر لفترة طويلة منذ عام 2022، من المتوقع حدوث تحوّل إيجابي نحو دورة التوسع. وكان مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع العالمي، وهو مؤشر فوري يحدد ما إذا كان النشاط يتحسن أو يتدهور، قد وصل إلى أدنى مستوى له في يوليو من العام الماضي ثم تحسن بعد ذلك. وتشير أحدث المعطيات، المسجلة في فبراير 2024، بالفعل إلى توسع النشاط. غالباً ما تكتسب دورة التصنيع التوسعية زخماً سريعاً وتستمر لمدة عام ونصف تقريباً. ومن المتوقع أن يكون هذا الأمر داعماً للصين، حيث يمثل التصنيع 26% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
بشكل عام، في حين أننا لا نتوقع أن تحقق الصين نمواً اقتصادياً قوياً هذا العام، إلا أننا نعتقد أن توقعات السوق العامة سلبية للغاية. إن الالتزام القوي من جانب الحكومة الصينية لتحقيق معدلات نمو أقوى، ووجود مساحة أكبر في السياسة النقدية لخفض أسعار الفائدة، ودورة التصنيع العالمية الأكثر دعماً، من شأنها أن تدعم التوسع الاقتصادي لتحقيق معدل نمو قريب من المعدل المستهدف الرسمي البالغ 5%. 
 
 
فريق QNB الاقتصادي

بيرنابي لوبيز مارتن
مدير أول – قسم الاقتصاد
لويز بينتو*
نائب رئيس مساعد – قسم الاقتصاد
 
 
07 افريل 2024 10:00

المزيد

زيادة بـ 14,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها الثلاثي الأول من سنة 2024

بلغ الحجم الجملي للاستثمارات المصرح بها على المستوى الوطني خلال الثلاثي الأول من سنة 2024 قيمة 1816 مليون دينار، أي بزيادة تناهز 14.9 بالمائة ، مقارنة بالفترة ذاتها من ...

30 افريل 2024 12:04

وزيرة الإقتصاد في السعودية : تونس منصة إستراتيجية للإستثمار المجدي و لتوسيع الأعمال نحو الفضاءات المجاورة

مثلت فرص دفع الإستثمارات السعودية فى تونس وإرساء شراكات مثمرة تخدم مصالح القطاع الخاص في البلدين الشقيقين إلى جانب الإمكانيات المتوفرة لتعزيز التبادل التجاري ، ...

30 افريل 2024 09:30

QNB راعيا ذهبيا للمنتدى الدولي الخامس و العشرون لمجلة L’économiste Maghrébin

شاركت مجموعة QNB ، أكبر مؤسسة مالية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للسنة التاسعة على التوالي بصفتها الراعي الذهبي للمنتدى الدولي الخامس والعشرون الذي نظمته مجلة ...

29 افريل 2024 14:50

وزيرة الإقتصاد توقع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة

 على هامش مشاركتها في الإجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية المنعقدة بالرياض من 27 الى 30 افريل الجاري ، وقعت وزيرة الإقتصاد والتخطيط السيدة فريال ...

29 افريل 2024 09:35

مجلس المنافسة يتعهد بدراسة ظروف المنافسة بسوقيْ الإسمنت والبعث العقاري

 أعلن مجلس المنافسة عن تعهده بدراسة ظروف المنافسة بسوقيْ الإسمنت والبعث العقاري في خطوة يتطلع من خلالها إلى ضمان التوازن العام للسوق الاقتصادية ورفاه المستهلك ...

28 افريل 2024 21:30