اقتصاد

 هل ستتمكن الولايات المتحدة من تنفيذ خطتها الاقتصادية "3-3-3"؟

هل ستتمكن الولايات المتحدة من تنفيذ خطتها الاقتصادية "3-3-3"؟

26 جانفي 2025 10:00
ستتأثر توقعات النمو العالمي لهذا العام بشكل كبير بالإجراءات والقرارات التي ستتخذها إدارة دونالد ترامب الذي تم تنصيبه مؤخراً رئيساً للولايات المتحدة. يتمتع ترامب، المسؤول عن الاقتصاد الأمريكي الضخم الذي تبلغ قيمته 30 تريليون دولار، بصلاحيات واسعة لتبني سياسات ومبادرات جديدة، نظراً للأغلبية الساحقة التي يتمتع بها الجمهوريون في كل من مجلسي النواب والشيوخ. 
 
تحت شعاري "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" و"أمريكا أولاً"، وعد ترامب بتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي وإلغاء القيود التنظيمية وتقليل البيروقراطية في القطاعات الرئيسية، وخفض الضرائب على الشركات والأسر، وزيادة الاستثمارات العامة، ودعم التصنيع المحلي والدفاع، وزيادة إنتاج الهيدروكربونات، وتبني موقف حمائي قوي فيما يخص التجارة الخارجية. وهذا يتماشى إلى حد ما مع أجندة ولايته الأولى في الفترة 2017-2021. 
 
لكن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة تختلف الآن عما كانت عليه عندما تولى ترامب منصبه أول مرة في عام 2017. فقد زاد نمو الناتج المحلي الإجمالي المحتمل بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، وأصبح الحيز المالي محدوداً للغاية، ومرت البلاد بالفعل "بثورة طاقة"، مع التطور في إنتاج النفط الصخري. لكن بغض النظر عن ذلك، يعتقد فريق ترامب الاقتصادي، بقيادة وزير الخزانة سكوت بيسنت، أنه من الممكن تنفيذ خطة جريئة تسمى "3-3-3"، والتي تشير إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3%، وإبقاء العجز مالي عند نسبة 3%، وتحقيق زيادة بواقع 3 مليون برميل يومياً في الإنتاج المحلي من النفط الخام بحلول عام 2028.
 
 
في هذا الأسبوع، قمنا بتحليل أهداف خطة 3-3-3 لتقييم ما إذا كانت قابلة للتطبيق واحتمالات نجاحها، بالإضافة إلى التأثير المحتمل للتدابير المطلوبة. 
أولاً، شهد النمو في الولايات المتحدة بالفعل تقدماً كبيراً في الأعوام الأخيرة مع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي المحتمل. وليست هناك أسباب تدعونا للاعتقاد بأن نسبة 3% المستهدفة مرتفعة للغاية أو غير واقعية. في الحقيقية، يبلغ النمو المحتمل للناتج المحلي الإجمالي بالفعل 2.5%، وهو ما يعادل المتوسط ​​الطويل الأجل. ونرى إمكانية فرض ترامب أجندة شاملة مؤيدة للابتكار وإلغاء القيود التنظيمية مع استمرار الاستثمارات الحالية في الذكاء الاصطناعي. 
في الأرباع الأخيرة، ضاعف كبار مقدمي الخدمات السحابية برامجهم الخاصة بالإنفاق الرأسمالي، مما يشير إلى أننا قد نكون على أعتاب دورة استثمارية ضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ومن الممكن أن يؤدي التسارع في تبني التكنولوجيا إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الكفاءة، وزيادة الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي المحتمل، كما رأينا خلال فترة إنشاء البنية التحتية للإنترنت في التسعينيات.
 
 
ثانياً، يعتزم الفريق الاقتصادي الجديد تقديم خطة واسعة لضبط المالية العامة من شأنها تضييق العجز إلى 3% بحلول عام 2028. وتعتبر هذه الخطة صارمة، خاصة وأن ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بخفض الضرائب على الشركات من 21% إلى 15% وسيعمل على تمديد التخفيضات الضريبية المطبقة منذ عام 2017، والتي كان من المقرر أن تنتهي في نهاية العام الجاري. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التدابير المالية مجتمعة إلى خفض الدخل الحكومي بمقدار 3 إلى 4 تريليون دولار أميركي. ولتحقيق هذه الغاية، يقترح فريق ترامب مزيجاً من التدابير لزيادة الإيرادات وتقليص التكاليف. ويشمل ذلك فرض تعريفات جمركية أعلى على الشركاء التجاريين وخفض الإنفاق على العديد من الإدارات والبرامج الحكومية. 
 
من المتوقع أن توفر لجنة الكفاءة الحكومية الجديدة بقيادة إيلون ماسك، رجل الأعمال الملياردير المعروف بقدرته الفائقة على إعادة ترتيب سلاسل التوريد لتقليل التكاليف والوقت اللازم لطرح المنتجات في السوق، المزيد من الفرص لتحسين الميزانية. وفي رأينا، سيكون من الصعب إلى حد ما خفض العجز إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي عجزاً في الميزانية قدره 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028. ويتطلب تضييق عجز بهذا الحجم خفضاً هائلاً بنحو 3.4 تريليون دولار أميركي في الإنفاق الحكومي الإجمالي لعام 2028، وهو خفض بنسبة 30% من إجمالي الإنفاق الجاري المتوقع غير المرتبط بالفائدة. ولا يُعرف بعد ما إذا كان من الممكن تحقيق مثل هذا الادخار، نظراً لاستمرار المطالب المرتبطة بالخدمات العامة في الولايات المتحدة في جميع القطاعات. ومن الجدير بالذكر أن تخفيضات الإنفاق قد تخلق أيضاً رياحاً معاكسة للنمو. وليس من المؤكد ما هو الهدف الذي سيحظى بالأولوية بين النمو وضبط الأوضاع المالية. 
 
ثالثاً، هناك أيضاً هدف لزيادة إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة بنحو 3 ملايين برميل من النفط المكافئ يومياً. وتستند هذ الفكرة إلى إلغاء القيود التنظيمية والحوافز والتحول من دعم وتشجيع الطاقات المتجددة إلى موقف أكثر حيادية من حيث تفضيلات مصادر الطاقة المختلفة بهدف تحفيز منتجي النفط والغاز. ومع ذلك، فإن الأساس لتقدير الثلاثة ملايين برميل الإضافية من النفط المكافئ ليس واضحاً. علاوة على ذلك، هناك تحديات صناعية كبيرة في بعض القطاعات الرئيسية، مثل إنتاج النفط الخام، نظراً لأن استنفاد الموارد التي يسهل الوصول إليها، وارتفاع تكاليف رأس المال، ونقص العمالة، وانخفاض ربحية الاستثمار في أجزاء من رقعة الصخر النفطي، يخلق بيئة صعبة لتحقيق زيادات سريعة في الإنتاج. ومن المرجح أن يكون هذا الهدف قابلاً للتحقيق فقط إذا تمت إضافة مصادر أخرى للطاقة إلى المعادلة، مثل الغاز والغاز الطبيعي المسال. 
 
إجمالاً، نرى أن الاحتمالات عالية لتحقيق ترامب لهدف نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3%، إلا أن هدف ضبط الأوضاع المالية، في رأينا، صارم للغاية، وخاصة في سياق الإعفاءات الضريبية الجديدة والرغبة في تحقيق نمو أعلى. أما الهدف المرتبط بالطاقة فهو أكثر غموضاً وقابلاً للتأويلات، حيث يمكن تحقيقه فقط إذا تمت إضافة إنتاج النفط غير الخام إلى حسبة إنتاج براميل النفط المكافئ.
 
 
فريق QNB الاقتصادي
عائشة خالد آل ثاني 
مسؤول أول – قسم الاقتصاد
بيرنابي لوبيز مارتن
مدير أول – قسم الاقتصاد
لويز بينتو*
نائب رئيس مساعد – قسم الاقتصاد
26 جانفي 2025 10:00

المزيد

اختتام مشروع "تعزيز السياحة المستدامة في تونس"

أشرف وزير السياحة السيد سفيان تقية أمس، الأربعاء 29 جانفي 2025، على إختتام مشروع "تعزيز السياحة المستدامة في تونس"، الذي نفذته وزارة السياحة بالتعاون مع الـديوان ...

30 جانفي 2025 09:48

صفاقس: تركيز نقطتي شحن للسيارات الكهربائية

في إطار برنامج المشروع النموذجي لتركيز 60 نقطة شحن للسيارات الكهربائية بكامل تراب الجمهورية  الذي تشرف عليه الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، قامت بلدية صفاقس ...

28 جانفي 2025 10:47

"شركة المقاولون العرب" المصرية تعبر عن رغبتها في استعادة نشاطها بتونس 

 "شركة المقاولون العرب" المصرية     استقبلت السيّدة سارة الزعفراني الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان، مساء يوم الإثنين 27 جانفي 2024، بمقر الوزارة، سعادة ...

28 جانفي 2025 09:33

وزير التّجارة وتنمية الصّادرات يلتقي الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا ب"الفاو"

استقبل وزير التّجارة وتنمية الصّادرات السيّد سمير عبيد المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا بالمنظمة العالمية للأغذية والزراعة ...

24 جانفي 2025 10:10

 مدريد/ وزير السياحة يجري عددا من اللقاءات الرسمية مع نظرائه من اسبانيا ومن بلدان إفريقية

عقد وزير السياحة السيد سفيان تقيّة سلسلة من اللقاءات الرسمية مع وزراء السياحة من عدة دول إفريقية ومن اسبانيا، بمعية سفيرة تونس بإسبانيا السيدة فاطمة عمراني ...

24 جانفي 2025 09:30