اقتصاد

 ما هي الخيارات المتاحة أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ظل المخاوف من الركود؟

ما هي الخيارات المتاحة أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ظل المخاوف من الركود؟

13 افريل 2025 10:00
على مدى السنوات العديدة الماضية، ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتصدر معظم المناقشات بشأن الاقتصاد الكلي والاستثمار، نظراً لأهمية أسعار الفائدة والسياسات الكمية بالنسبة للنمو والسيولة والتضخم. ولكن في الأشهر الأخيرة، أدت مجموعة من السياسات الجديدة التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تغيير أُسس المناقشات ومجالات التركيز بشكل كامل. وكان هذا التحرك ناتجاً عن المخاوف من فرط النشاط الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في حال أقدم ترامب على تنفيذ السياسات التوسعية المقترحة خلال حملته الانتخابية. 
ولكن بمجرد أن باشرت الإدارة الجديدة عملها، وتبيّن أن المناقشات بشأن التعريفات الجمركية ووزارة الكفاءة الحكومية هي الأولويات الرئيسية للحكومة، انتقل ميزان المخاطر التي تهدد التوقعات الكلية للولايات المتحدة بسرعة من فرط النشاط الاقتصادي إلى الركود المحتمل. وتدهورت معنويات المستثمرين والمستهلكين مع تجاوز مؤشرات الأسهم الرئيسية عتبة التصحيح البالغة 10% للمرة الأولى منذ سنوات، بينما أظهرت مبيعات التجزئة مزيداً من الضعف، إلى جانب انخفاض المقاييس المرتبطة بثقة المستهلك. ويشير نموذج التنبؤ الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 2.8% في الربع الأول من عام 2025، وهو تغير حاد بالمقارنة مع النمو الذي بلغت نسبته 2.3% في الربع السابق.
 
لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بحاجة إلى العمل في ظل هذا المستوى المرتفع من عدم اليقين، ويمكن أن تكون الخيارات المرتبطة بالسياسة النقدية أساسية للتخفيف من بعض الآثار الناجمة عن عدم اليقين أو الصدمات السلبية المحتملة القادمة من الجبهة السياسية. 
إن العمل في مثل هذه البيئة ليس بمهمة يسيرة لبنك الاحتياطي الفيدرالي. على سبيل المقارنة، تأرجحت أسعار الفائدة متوسطة الأجل بشكل كبير، مما يشير إلى تقلب إجماع توقعات السوق حول توقيت وحتى اتجاه أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية خلال الأرباع القليلة المقبلة. وارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل سنتين في الربع الأخير من العام الماضي، بعد تراجعها في الربعين الثاني والثالث من عام 2024 على خلفية الانخفاض السريع في معدلات التضخم وتوقعات التخفيف القوي للسياسة النقدية، عندما كان ترامب متصدراً في الانتخابات الأمريكية بخطاب مؤيد للنمو. منذ فبراير 2025، ومع تأثير التدابير التجارية الصارمة وسياسات وزارة الكفاءة الحكومية سلباً على معنويات المستثمرين والمستهلكين، انخفضت العائدات. 
ويتوقع المستثمرون حالياً أن يستأنف بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض أسعار الفائدة التي بدأت في سبتمبر 2024، مع أربعة تخفيضات إضافية بواقع 25 نقطة أساس في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بحلول نهاية عام 2025 وتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة في عام 2026. 
 
 
في رأينا، تبدو التوقعات السائدة في السوق متوافقة مع البيئة الاقتصادية الكلية، مما يشير إلى وجود مساحة كافية أمام الاحتياطي الفيدرالي لإجراء المزيد من التيسير في السياسة النقدية. هناك عاملان رئيسيان يدعمان وجهة نظرنا.
 
أولاً، يواصل مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الإعلان عن توقعاتهم الخاصة بتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام. يتوافق "مخطط النقاط" لشهر مارس 2025، والذي يوضح النطاق المستهدف المتوقع لأسعار الفائدة من كل مشارك من المشاركين في اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التسعة عشر، بشكل تقريبي مع الوضع السائد في السوق. ويدعم ذلك رأي معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأن الاقتصاد يتباطأ تدريجياً، مع استمرار عودة التضخم إلى طبيعته، وأن أي تأثير محتمل على التضخم من الرسوم الجمركية من المرجح أن يكون مؤقتاً وسيتم "تجاهله".
 
ثانياً، يشير اقتران الضعف الاقتصادي وتأثير الصدمات السياسية السلبية على المعنويات إلى أن تخفيض أسعار الفائدة ليس ممكناً فحسب، بل ربما يكون ضرورياً. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، الذي يتم قياسه من حيث حالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأمريكي على وشك أن يعمل بأقل من إمكاناته. بمعنى آخر، هناك وفرة في العمالة المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه طويل الأجل. سوق العمل، التي كانت قد وصلت إلى أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 مع معدل بطالة أقل بكثير من المعدل التوازني البالغ 3.4%، تأقلمت بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي مع معدل بطالة يبلغ 4.5% في فبراير 2025. تدعم هذه الأوضاع إجراء تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة إلى مستويات محايدة خلال الأرباع القادمة، أي أسعار الفائدة الرسمية التي ليست تقييدية ولا داعمة، والتي تقدر بحوالي 4%.
 
بشكل عام، على الرغم من أن معدل التضخم أعلى من المستوى المستهدف واحتمال حدوث ضغوط تضخمية قصيرة الأجل ناتجة عن فرض التعريفات الجمركية، من المتوقع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2025. يأتي هذا على خلفية ضعف الاقتصاد والحاجة إلى تغيير موقف السياسة النقدية من المنطقة التقييدية الحالية (سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية يبلغ 4.5%) إلى وضع محايد (يبلغ فيه سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية 4%)، من أجل الحيلولة دون حدوث تباطؤ اقتصادي أكثر حدة أو حتى حالة ركود.
 

فريق QNB الاقتصادي
عائشة خالد آل ثاني 
مسؤول أول – قسم الاقتصاد

بيرنابي لوبيز مارتن
مدير أول – قسم الاقتصاد
لويز بينتو*
نائب رئيس مساعد – قسم الاقتصاد
13 افريل 2025 10:00

المزيد

وزير الإقتصاد يلتقي برئيس مجمع Mecachrome لصناعة مكونات الطائرات

اجتمع وزير الإقتصاد والتخطيط السيد سمير عبد الحفيظ يوم الثلاثاء 08 افريل 2025 بالسيد Christian Cornille رئيس المجمع الفرنسي Mecachrome المتخصص في صناعة مكونات الطائرات عالية ...

08 افريل 2025 12:25

هل خرجت اليابان من "دوامة الانكماش" التي طال أمدها؟

أدت تداعيات جائحة كوفيد إلى ارتفاع معدلات التضخم في مختلف الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات مرتفعة لم نشهدها منذ عقود. وفي أعقاب الجائحة والحرب بين روسيا وأوكرانيا، ...

08 افريل 2025 11:25

اجتماع حول وضعية التزويد بالمنتجات الفلاحية واللحوم البيضاء للفترة القادمة

مثّل استشراف وضعية التزويد بالمنتجات الفلاحية وبالخصوص منها الخضر و الغلال واللحوم البيضاء للفترة القادمة، محور الاجتماع التنسيقي الذي التأم أمس الاثنين 07 أفريل ...

08 افريل 2025 11:15

وزير النقل يتابع وضعية الشركة التونسية للملاحة

تحوّل وزير النّقل السيد رشيد عامري، أمس، الأربعاء 02 أفريل 2025 ، إلى مقر الشركة التونسية للملاحة لمتابعة وضعيّة الشّركة على المستوى الهيكلي والفنّي والتّجاري في ...

03 افريل 2025 10:40

مراجعة الإطار القانوني المنظم لنشاط الايواء السياحي البديل: محور جلسة عمل

عُقِدَت أمس، الأربعاء 2 أفريل 2025، جلسة عمل بمقر الوزارة، بإشراف السيد سفيان تقية، وزير السياحة خُصِّصَت لاستعراض نتائج أعمال اللجنة المشتركة المكلفة بمراجعة ...

03 افريل 2025 10:10