وكالات/ نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء حدوث “كارثة إنسانية” في رفح، فيما يستمر آلاف المدنيين في الفرار من المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة والتي يقصفها الجيش الإسرائيلي ويهددها بهجوم بري واسع النطاق.
وفي هذه الاثناء شددت حماس على أنها ستشارك في أي قرار يتعلق بإدارة قطاع غزة بعد الحرب، بينما أحيا الفلسطينيون الذكرى الـ76 للنكبة الفلسطينية مع قيام دولة إسرائيل في العام 1948.
وقصفت القوات الإسرائيلية مناطق حول مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، كما اندلعت الاشتباكات مجددا في المناطق الشمالية والوسطى للقطاع التي دخلتها القوات الإسرائيلية للمرة الألى قبل أشهر.
ويعاود السكان الذين تتهددهم المجاعة البحث عن ملاذ بعدما نزحوا عدة مرات منذ بداية الحرب، رغم تأكيد الأمم المتحدة أن “لا مكان آمنا في غزة”.
ومع مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاق الحرب اثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر، قتل 35233 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القضاء على الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 وتعتبرها الدولة العبرية “منظمة إرهابية”، على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
بغية تحقيق ذلك يصر نتانياهو على شن هجوم بري واسع النطاق على رفح التي يعتبرها المعقل الأخير لحماس رغم المعارضة الواسعة للأسرة الدولية القلقة على مصير المدنيين.
وتعارض الولايات المتحدة على غرار جزء كبير من المجتمع الدولي هجوما كهذا في المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر والتي لجأ إليها مئات آلاف النازحين.
“خلاف” مع واشنطن
واعتبر نتانياهو الأربعاء أن إسرائيل تجنبت “كارثة إنسانية” في رفح.
وقال في بيان نشر مكتبه نسخة منه بالعربية “حتى الآن تم إجلاء ما يقارب نصف مليون نسمة في رفح من مناطق القتال، حيث لم تحدث الكارثة الإنسانية التي كانوا يتحدثون عنها، بل ولن تحدث”.
من جهتها، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) “بعد مرور 76 عاما على النكبة، لا يزال الفلسطينيون يتعرضون للتهجير القسري. وفي قطاع غزة، فر 600 ألف شخص من رفح منذ تكثيف العمليات العسكرية”.
وهدد الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أسبوع بالحد من المساعدات العسكرية للدولة العبرية وسط مخاوف من هجوم كبير على رفح. لكن الإدارة الأميركية أبلغت الكونغرس الثلاثاء أنها ستسلم أسلحة إلى إسرائيل بقيمة نحو مليار دولار، بحسب ما علمت وكالة فرانس برس من مصادر مطلعة.
أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال مقابلة مع قناة “سي إن بي سي” الأميركية بوجود “خلاف” مع حليفه الأميركي “بشأن غزة، بل بالأحرى بشأن رفح”.
وأضاف نتانياهو “لكن علينا أن نفعل ما يتعين علينا القيام به”، مردفا “لا يمكننا الاستمرار في المستقبل بالسماح لحماس باستعادة غزة”.
كما حثّ الاتحاد الأوروبي إسرائيل الأربعاء على “الوقف الفوري” لعمليتها في رفح، وإلا فإنها “ستضع حتما ضغطا شديدا” على علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
في ما يتعلق عن حسابات ما بعد الحرب، قال نتانياهو “نقوم منذ عدة أشهر بمحاولات مختلفة لإيجاد حل لهذه المشكلة المركبة”.
من جانبه، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في تل أبيب الأربعاء عن “عدم موافقته على سيطرة” إسرائيل على قطاع غزة بعد الحرب.
وأضاف “أدعو رئيس الوزراء إلى إعلان أننا لن نحكم غزة… لن أقبل أن تسيطر إسرائيل على غزة”.
من جهته، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الأربعاء أن إدارة قطاع غزة بعد الحرب تقرره الحركة مع بقية الفصائل الفلسطينية، وذلك في كلمة تلفزيونية بمناسبة الذكرى ال76 للنكبة.
وقال هنيّة إن “حركة حماس وجدت لتبقى (…) وإدارة القطاع بعد الحرب سوف تقرّر فيه الحركة مع الكلّ الوطني، مستندة في ذلك إلى المصالح العليا لأهلنا في غزة”.
وأضاف أنّ مصير المفاوضات مجهول بسبب “إصرار الاحتلال الإسرائيلي على المضي قدما في عملية رفح (…) وتوسيع عدوانه” في الأراضي الفلسطينية منذ هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس.
وأكّد زعيم حماس أنّ “أيّ مسعى أو اتفاق يجب أن يضمن وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الشامل من كل القطاع، وصفقة حقيقة لتبادل الأسرى وعودة النازحين، والإيواء، والإعمار، ورفع الحصار عن غزة”.
معارك “كثيفة”
أفاد صحافيون من وكالة فرانس برس وشهود عيان عن غارات جوية وقصف مدفعي ومعارك خلال الليل والصباح في رفح (جنوب) وجباليا وحي الزيتون في جنوب مدينة غزة (شمال).
وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس خوضها مواجهات مع القوات الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين. وأشار الجيش الإسرائيلي أيضا إلى معارك “كثيفة” في هذه المنطقة مؤكدا أنه قتل “عددا كبيرا من الإرهابيين”.
وأشار الجيش إلى حصول قتال في “مناطق محددة” في شرق رفح مؤكدا أنه شن عملية على مركز تدريب لحماس وقضى على مقاتلين وضبط كمية كبيرة من الأسلحة.
أسفر هجوم حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر عن مقتل 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة قضى 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وردا على الهجوم، ينفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة.
تظاهرات وقتيل في الضفة
قالت حركة حماس في بيان مناسبة الذكرى 76 للنكبة إن “استمرار معاناة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات داخل فلسطين وفي الشتات يتحمّل مسؤوليته المباشرة الاحتلال الصهيوني، وإنَّ حقّهم المشروع في العودة إلى ديارهم التي هجّروا منها لا يمكن التنازل أو التفريط فيه”.
في تلك المرحلة، اضطر نحو 760 ألف فلسطيني من الفرار أو طردوا من ديارهم ولجأوا إلى دول الجوار أو إلى ما يعرف الآن بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة بحسب الأمم المتحدة.
وردد فلسطينيون أتوا بالآلاف إلى أنقاض بلدة في شمال إسرائيل طرد سكانها في العام 1948 “غزة لن تركع للدبابة والمدفع”.
وفي الضفة الغربية المحتلة، تظاهر آلاف الفلسطينيين الأربعاء خاصة في مدن رام الله ونابلس والخليل، لإحياء ذكرى النكبة.
وأوردت وكالة “وفا” الفلسطينية الرسمية أن الطالب أيسر محمد صافي (20 عاما) “استُشهد… إثر إصابته الخطيرة بالرصاص الحي في الرقبة” خلال مواجهات على مدخل بلدة البيرة قرب رام الله بين قوات إسرائيلية وشبان كانوا يتظاهرون في ذكرى النكبة. ولم يصدر تعليق إسرائيلي فوري بشأن مقتل الشاب.
عرقلة دخول المساعدات
دخلت دبابات الجيش الإسرائيلي إلى رفح في السابع من ماي ولا تزال تحتل الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر الحيوي لدخول الوقود الضروري للعمليات الإنسانية في القطاع.
وتوقف عبور المساعدات عبر رفح بالكامل فيما دخولها متوقف أيضا عبر معبر كرم أبو سالم الرئيسي مع إسرائيل.
في هذا الصدد، حثّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء مصر على إعادة فتح معبر رفح الحدودي، معتبرا أن القاهرة تحتجز سكان غزة “رهينة” لرفضها التعاون مع إسرائيل بشأن المعبر الرئيسي للمساعدات.
وتأتي تصريحات نتانياهو غداة اتهام مصر إسرائيل بـ”التنصّل” من مسؤوليتها عن الأزمة الإنسانية في غزة.
من جهتها، أعلنت بريطانيا الأربعاء أن أول شحنة تبلغ حوالي 100 طن من المساعدات الإنسانية غادرت قبرص عن طريق البحر إلى غزة حيث من المقرر تفريغها في ميناء عائم بناه الجيش الأميركي ويعتزم تشغيله قريبا.
وهناك “مئات الأطنان” الأخرى من المساعدات الإنسانية جاهزة للنقل إلى غزة بمجرد فتح الميناء، وفقا لبراد كوبر من القيادة المركزية العسكرية الأميركية (سنتكوم).