عقدت لجنة التشريع العام ولجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح جلسة مشتركة اليوم الخميس 19 ديسمبر2024 للاستماع الى وزير الدفاع الوطني والى رئيس مؤسسة فداء والإطارات المرافقة لهما، وذلك في اطار النظر المشترك في مشروع القانون المتعلّق بتنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المتعلّق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها( عدد 79/2024)، والذي تعهدت به اللجنتان بمقتضى إحالة من مكتب المجلس للنظر فيه وإعداد تقرير مشترك حوله مع طلب استعجال النظر فيه طبقا لمقتضيات الفصل 73 من النظام الداخلي.
وتمٌ في بداية الجلسة الترحم على أرواح كافة شهداء الوطن وتمنّي الشّفاء لجرحى الثورة وجرحى العمليات الإرهابية. ثم استمع النواب الى وزير الدفاع الوطني، الذي تولّى تقديم الإطار العام الذي يندرج في سياقه مشروع التنقيح المعروض. وبيّن أنّه عند الشروع في تطبيق المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المتعلق بمؤسسة فداء برزت الحاجة الى مراجعة بعض الأحكام وذلك من أجل مزيد تطوير المنظومة القانونية للإحاطة الصحية والاجتماعية والمادية والمعنوية بالفئات المعنية من جهة، وضمان سلامة التصرف الإداري في إسناد المنافع المقررة بهذا المرسوم إلى مستحقيها من جهة أخرى، فضلا عن توسيع قاعدة المنتفعين بأحكام هذا المرسوم.
وأوضح الوزير أنّ هذه التعديلات تتعلّق خاصة بنظام الجرايات وتطوير آليات الانتفاع ببرامج السكن ووضع آليات للإدماج الاقتصادي وإحداث مواطن الشغل وتعزيز الإحاطة بأبناء منظوري مؤسسة فداء في مسارهم الدراسي وإرساء منظومة للتكفل بالخدمات الصحية، فضلا عن تجاوز الإشكاليات القانونية المسجلة في تطبيق المرسوم وتسريع نسق العمل داخل هذه المؤسسة الوطنية احتراما لحق الجريح والشهيد ولأولي الحق من بعده وذلك بمضاعفة تدخلات الهياكل والمؤسسات المتداخلة وتوفير جميع الممهدات القانونية الضرورية لإنجاح عمل مؤسسة فداء ولتمكين هذه المؤسسة الوطنية من الاليات والوسائل القانونية حتّى تُحقّق المقاصد النبيلة التي أُحدثت من أجلها على الوجه الأفضل.
من جهته ذكّر رئيس مؤسسة فداء في بداية تدخّله بالطبيعة القانونية لهذه المؤسسة مبرزا أنّها مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية وبالتالي فهي تخضع لأحكام مجلة المحاسبة العمومية ومن ذلك وجوبية خضوع نفقاتها للتأشيرة المسبقة لمراقب المصاريف العمومية. وأوضح أنّ لهذا الهيكل العمومي اختصاصات أصلية واختصاصات تتعلق بتسهيل حصول منظوريها على عدد من المنافع من الهياكل المعنية، كما استعرض الإطار القانوني المنظم للإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وضحايا العمليات الإرهابية.
وتطرّق إثر ذلك الى الإشكاليات القانونية والتطبيقية المطروحة عند الشروع في تطبيق مقتضيات المرسوم الماثل، مشدّدا على أنّ مشروع هذا التنقيح جاء لتلافي ذلك وإيجاد حلول لهذه الإشكاليات التي تمثّلت بالخصوص بعدّة جوانب في الإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها على غرار نظام إسناد الجرايات والتكفل الصحي والنقل المدرسي وغير ذلك من المنافع.
وخلال النقاش أكّد النواب المتدخّلون وعيهم بأهمية ودور هذا المكسب الوطني في الإحاطة بشهداء وجرحى الثورة ومكفولي الوطن وضحايا العمليات الإرهابية من القوات الحاملة للسلاح. وعبّروا عن تأييدهم لضرورة تمكين هذه المؤسسة الوطنية من آليات قانونية وتطبيقية لتحقيق الهدف الأسمى الذي أحدثت من أجله.
وقدّم النواب اجمالا عديد الملاحظات تعلّقت بالخصوص بالتساؤل حول أسباب عدم سريان أحكام المرسوم المحدث لمؤسسة فداء على ضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين، وكذلك كيفية إقرار نسب سقوط معينة للتمتع ببعض الامتيازات المقرّرة بهذا القانون مثل الحق في السكن الاجتماعي معتبرين أنه لا يجب التقيد بأي سقف لذلك. كما أكّد عدد من النواب المتدخلين ضرورة العمل على حفظ الذاكرة الوطنية لشهداء وجرحى الثورة ومصابي العمليات الإرهابية والمحافظة على قيمتهم الاعتبارية بما يتلاءم وحجم التضحيات التي قدّموها للوطن.
وفي تعقيبهما على جملة الملاحظات المثارة، شدّد كل من وزير الدفاع الوطني ورئيس مؤسسة فداء على أنّ إحداث مؤسسة فداء هو مشروع وطني نابع من رؤية وإرادة سياسية سامية وتعبير عن إرادة حقيقية في الإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وبما يحفظ كرامتهم ويليق بتضحياتهم.
وفي علاقة بما أثير حول عدم سحب أحكام المرسوم المحدث لمؤسسة فداء على ضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين تمّ التأكيد أنّ الموضوع لا يتعلّق بتمييز فئة على أخرى بل بتوزيع الاختصاصات بين مختلف هياكل الدولة. كما اشاروا إلى الاجراء المهم الذي تم إقراره ضمن قانون المالية لسنة 2025 لفائدة منظوري المؤسسة من ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها والمتمثلة في إحداث خط تمويلي بقيمة 2 مليون ديناروالذي يمكّن المعنيين الانتفاع من هذا الخط في شكل قروض دون فوائض وتسدد على مدة تمتد إلى مدة أقصاها 8 سنوات مع سنتي إمهال وذلك في إطار التشجيع على بعث المشاريع الاقتصادية التي تحقق للفرد الكرامة والاستقلالية المادية والمعنوية.
وفي جانب آخر، أكّد رئيس مؤسسة فداء أنّ المؤسسة تشتغل على حفظ الذاكرة ونشر قيم الوفاء لشهداء وجرحى الثورة ولضحايا العمليات الإرهابية، مستعرضا بالمناسبة عددا من البرامج المستقبلية التي هي بصدد تفعيلها على أرض الواقع.
هذا، وستتواصل الأعمال المشتركة لكلا اللجنتين حول مشروع التعديل المعروض بالاستماع الى ممثلي كل من وزارة الداخلية والمالية وذلك بغاية مزيد تعميق النظر في المبادرة التشريعية المعروضة.