صناعة سيجارة تتطلّب عديد أنواع التبوغ وكل نوع من أنواع التبغ له دوره فهناك تبغ للتعبئة وتبغ منكّه والتبغ المجفّف والتبغ الذي يسمح باشعال السيجارة في تونس تحتكر الدولة زراعة التبغ الذي يرجع الى القرن 19 والذي تم تقنينه بأمر صدر بتاريخ 5 أفريل لسنة 1922 ومازال ساري المفعول الى اليوم مع محاولات لتحيينه وفق ما يتماشى مع التطورات التي شهدها هذا القطاع في العالم على مدى السنوات الماضية ورغم الصعوبات وضعف الامكانيات الى أن زراعة التبغ في تونس ظلّت ناجحة من حيث الانتاجية والجودة من خلال انتاج مشاتل تقليدية وشبه تقليدية حافظت على بذور أصلية غير مهجّنة تنوعت بين مشاتل مغروسة تمر زراعتها بمراحل مهمة ودقيقة ومشاتل عائمة.
خطّة الانعاش..
و توزّع المنابت التابعة للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد على عدد من مناطق الجمهورية وهي بالأساس منبت بولاية قابس الذي يتميّز خاصة بزراعة التبغ الصوفي ومنبت بقربة من ولاية نابل والذي يزرع فيه التبغ العربي والصوفي ومنبت "دار شيشو" بقليبية من ولاية نابل ومنبت بنفزة من ولاية باجة ومنبت بحمام بورقيبة المتواجد على الحدود التونسية الجزائرية ومنبت بغار الدماء منولاية جندوبة.
وقد شهدت هذه المنابت خلال السنوات الماضية اهمالا ..اهمال المنابت وتحوّلها الى أراض قاحلة خلال العشرية الماضية جوبه بخطة واستراتيجية من الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد في السنوات الاخيرة هدفها انعاش المنابت وتفعيلها.
تفعيل المنابت واعادة احياء الاراضي التابعة للوكالة ,والتي أصبحت مهملة, سبقتها زيارات ميدانية متعدّدة ومتكرّرة من قبل الرئيس المدير العام للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد توفيق عبّاس الذي وقف على عديد النقائص وتم على اثرها وضع خطة دقيقة لاعادة تفعيلها بهدف تحسين مردوديتها والحفاظ على جودتها وعلى جميع أنواع بذور ومشاتل التبغ المزروعة في تونس فضلا عن اجراء تجارب جديدة لانتاج أنواع أخرى من التبغ وذلك بزراعة بذور جديدة من افريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا.
"دار شيشو" بنك التبغ في تونس
"دار شيشو" التابعة لمعتدية قليبية من ولاية نابل تعتبر من المناطق الهامة في زراعة التبغ والتي تغطي مساحات كبيرة للزراعة وانتاج المشاتل التقليدية والشبه التقليدية. وتعد منطقة دار شيشيوا من أكبر المنابت لاجراء تجارب زراعة مختلف أصناف التبوغ وهي التبغ العربي، الصوفي، البورلي والشرقي وسلاسل القيمة المتمثلة في عملية اعداد الاحواض ،عملية البذر، وزراعة المشاتل الى انتاج السجائر.
ويحتل هذا المنبت حوالي 50 هكتار تشمل جزء غابي وأشجار مثمرة مع تخصيص حوالي 30 هكتار لزراعة 500 حوض من مشاتل التبوغ بمختلف انواعها والتي مكّنت الفلاحيين سنة 2021 من 300 حوض كافية لغراسة 30 هكتار في انتظار مدهم بالقسط الثاني .
عبد الحي بولعراس المكلف بإدارة تنمية زراعة التبغ بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد , أكد خلال زيارة ميدانية أداها الى "دار شيشو" أواخر الشهر المنقضي أن منبت "دار شيشو" ليس مجرّد منبت وانما هو بمثابة بنك التبغ في تونس خاصة فيما يتعلّق بنبتة التبغ العربي الصوفي وتبغ الاستنشاق "النفّة" والتبغ البرلي والفرجيني الذي يعد في مرحلة التجارب والتبغ الشرقي الذي يعتبر تبغ النكهة.
وتابع محدثنا " منبت "دار شيشو " كان منطقة بعلية مهملة تماما ومنذ 2007 لم يتم استغلالها نهائيا الا أنه خلال السنوات الاخيرة أدى الرئيس المدير العام للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد توفيق عباس زيارة ميدانية للمنطقة واتخذ قرار باعادة تفعيله واستغلال الأراضي وتجهيزه بتجهيزات عصرية" وأفاد بأنه تبعا للزيارة تم رصد تمويلات لاقتناء آلة غراسة وتجهيزات عصرية للري قطرة قطرة بهدف ترشيد استهلاك الماء واستغلال أكثر ما يمكن من المساحات لزراعة التبغ"
تجارب لأنواع جديدة من التبوغ في"دار شيشو"
وأوضح أن دور المنبت الاساسي يتمثّل في زراعة مشاتل التبغ للمحافظة على جميع أنواع التبوغ وانتاج المشاتل واجراء التجارب وانتاج البذور والزراعة للحفاظ على جودة و ندرة المنتوج المحلي وشدّد محدثنا أنه في آفاق سنة 2022 سيتم اثراء التجارب بمنبت "دار شيشو" وأن هناك اتفاق أوّلي مع شركة أجنبية لتجربة بذور امريكية بجميع أنواعها والوقوف على مدى تلائمها مع التربة والمناخ التونسي باستثناء التبغ الصوفي باعتبار وأنه تبغ تونسي .
كما أشار الى أنه سيتم انتاج المشاتل الشبه عائمة في البيوت المكيفة و زراعتها بالمنطقة كتجربة اولي في منطقة دار شيشوا
1000 طن سنويا وحوالي 3000 مزارع
ولا يقتصر دور الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد على انتاج المشاتل واجراء التجارب على نوعيات جديدة للتبوغ ,فللوكالة دور رئيسي في علاقة بالفلاحين الذين يزرعون التبغ باعتبار وان الانتاج الوطني لزراعة التبغ يرتكز أساس على انتاج مزارعي التبغ. وينتج فلاحي زراعة التبغ سنويا حوالي ألف طن من التبوغ المحلية فيما تنتج المنابت والأراضي التابعة للوكالة 50 ألف طن سنويا .
ووفق المكلف بإدارة تنمية زراعة التبغ بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد عبد الحي بولعراس ,فان الوكالة تعمل على زيادة الانتاج المحلي بحوالي 50 بالمائة وأن المساحة الجملية المستغلة لزراعة التبغ في تونس تبلغ حوالي 6500 هكتار بقيمة 3300 مليون دينار وأن حوالي 3000 فلاح يزرعون التبغ في تونس وأشار بولعراس بأن الوكالة تجري مفاوضات مع شريك تعهّد بزراعة حوالي 1500 هكتار من التبغ بهدف زيادة الانتاج المحلي.
حوافز وتشجيعات لزيادة الانتاج والحد من التوريد
وتضطلع الوكالة بدور هام بخصوص الفلاحين وذلك من خلال توفير و تقديم المشاتل للمزارعين المهتميين بالمجال والتأطير و الارشاد خلال كامل مراحل زراعة التبغ .. كما تعمل الوكالة على تشجيع المزارعين وتطوير انتاجهم عبر تعصير الزراعة من خلال المكننة مجانا و مداواة أراضيهم وتقديم منح عينية تتمثّل في الأسمدة و منح نقدية لمجابهة الموسم فضلا عن تمكين الفلاحين الذين يخصصون اكثر من هكتار من أراضيهم لزراعة نبتة التبغ من آلات زراعة عصرية وذلك بهدف الترفيع في الانتاج الوطني والحد من التوريد و مضاعفة مساحات الانتاج المستغلة حاليا الى 3 مرات غلى الأقل.
وأكد ولعراس أنه تبعا لتشكّيات مزارعي التبغ بخصوص سعر الكيلوغرام الذي يتراوح بين 3 و4 دنانير فانه سيتم مراجعة السعر للزيادة فيه خلال السنة الحالية.
تصدير 400 طن من "النفّة" وطلب متزايد
وبخصوص تصدير التبغ التونسي أكد بولعراس أن النوعية التي تنتجها تونس من تبغ الاستنشاق المعروف بـ"النفّة" من أجود النوعيات وأنها مطلوبة في أوروبا خاصة ايطاليا وفرنسا وبلجيكا باعتبار وأنهم يستخدمونها في تركيبة صناعة السجائر بنسب مائوية متفاوتة.
وشدّد على أن نوعيّة تبغ الاستنشاق التونسي "النفّة" غنيّ بمادة الأمونياك وهو ما جعل الطلب عليها في تزايد.
وتابع " تم الترفيع في صادرات تبغ الاستنشاق من 200 طن الى 400 طن خلال السنة الفارطة أي بنسبة زيادة 200 بالمائة وهناك طلب متزايد يمكن أن يصل الى1000 طن وهو ما سيوفّر العملة الصعبة للاقتصاد التونسي".